سورة البقرة - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}
وسئل عن قوله: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} [224] ما هذا البر؟ فقال: يعني أن لا تصلوا القرابة لعلة اليمين. فقيل له: لقد قال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [177] فقال: يعني ليس من التقوى أن لا تفعلوا غير ذلك {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [177] الآية. ألا تراه كيف قال: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [44] يعني اليهود كانوا يأمرون إخوانهم من الرضاعة بطاعة اللّه تعالى واتباع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وكانوا لا يفعلون ذلك.


{وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}
قوله: {وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا} [235] أي مناكحة. قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [235] أي علم ما في غيب أنفسكم قبل خلقه لكم من فعل حركة أو سكون بخير أمر به وأعان على فعله، وفعل ما نهى عنه، ولم يعصم من نزل به، وخلى من شاء مع الهوى لإظهار فعل ما نهى عنه، ولم يعصم عدلا منه وحكما، فكان معنى قوله: {ما فِي أَنْفُسِكُمْ} [235] أي ما لم تفعلوه، {وفِي أَنْفُسِكُمْ} [235] أي ما ستفعلونه، {فَاحْذَرُوهُ} [235] أي اضرعوا إليه فيه حتى يكون هو الذي يتولى الأمر بالمعونة والتوفيق على الطاعة، ويعصم عن النهي بالنصر والتأييد.
ألا ترون إلى قول عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنهما: اللهم إن كنا عندك في أم الكتاب أشقياء محرومين فامح ذلك عنا وأثبتنا سعداء مرحومين، فإنك تمحو ما تشاء، وتثبت وعندك أم الكتاب.
قوله: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ} [204] أي شديد الخصومة بالباطل. وقد روت عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «أبغض الرجال إلى اللّه تعالى الألدّ الخصم». قوله: {وَزُلْزِلُوا} [214] أي أرادوا به وخوفوا به وحذروا مكر اللّه عزّ وجلّ. وسئل عن قوله: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [214] أكان قولهم استبطاء للنصر؟ قال سهل: لا، ولكن لما أيسوا من تدبيرهم قالوا: {مَتى نَصْرُ اللَّهِ} [214] فلما علم اللّه تعالى من تبريهم من حولهم وقوتهم وتدبيرهم لأنفسهم وإظهارهم الافتقار إليه، وأن لا حيلة لهم دونه أجابهم بقوله: {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [214] قال سهل: البلاء والعافية من اللّه عزّ وجلّ، والأمر والنهي منه، والعصمة والتوفيق منه، والثواب والعقاب منه، والأعمال منسوبة إلى بني آدم، فمن عمل خيرا وجب عليه الشكر ليستوجب به المزيد، ومن عمل شرا وجب عليه الاستغفار ليستوجب به الغفران. والبلوى من اللّه على وجهين : بلوى رحمة، وبلوى عقوبة، فبلوى الرحمة: يبعث صاحبه على إظهار فقره وفاقته إلى اللّه عزّ وجلّ وترك التدبير، وبلوى العقوبة: يبعث صاحبه على اختيار منه وتدبيره. فسئل سهل: الصبر على العافية أشد أم على البلاء؟ فقال: طلب السلامة في الأمن أشد من طلب السلامة في الخوف.
وقال في قوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] قال: يؤمن باللّه أن بلواه من اللّه يهد قلبه لانتظار الفرج منه. قوله: {وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى} [المائدة: 2] أي على أداء الفرائض، لأن البر الإيمان، وأداء الفرائض فرعه، والتقوى السنة، فلا يتم فرض إلّا بالسنة، ونهى عن التعاون على الإثم وهو الكفر والنفاق، والعدوان وهو البدعة والخصام، وهما لعبان فنهوا عن اللعب، كما أمروا بالبر وهو الفرض والسنة، وأخذ النفس بالصبر على ذلك كله خالصا للّه فيه.


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)}
قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ} [246] من هؤلاء الملأ؟ قال سهل: أراد بذلك الرؤساء، ألا ترون في قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد سمع رجلا بعد وقعة بدر وهو يقول: إنما قتلنا يوم بدر عجائز صلعا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أولئك الملأ من قريش» يعني الأشراف والسادات.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12